بيع سفارات موريتانيا... صراع بشأن المال العام | 28 نوفمبر

بيع سفارات موريتانيا... صراع بشأن المال العام

أربعاء, 12/07/2016 - 23:03

أثار قرار الحكومة الموريتانية قبل أيام، بيع مقر السفارة في واشنطن استياءً كبيراً في الشارع، واتهامات بالسعي وراء التربح من بيع ممتلكات الدولة في صفقات وُصفت بالمشبوهة.  وينظر مراقبون بكثير من الريبة لسياسة بيع عقارات الدولة ويتهمون وسطاء ولوبيات فساد بالتلاعب في الممتلكات العامة من خلال صفقات مشبوهة لم تستفد خزينة الدولة كثيراً منها، ودون أن تكون هناك مبررات كافية لبيع هذه الممتلكات.

وعمدت الحكومة الموريتانية في الفترة الأخيرة إلى عرض عقارات في مناطق استراتيجية وسط العاصمة وفي المدن الرئيسية للبيع، من بينها مدارس وأسواق إضافة إلى المطار القديم. 
ويصاحب كل عملية بيع شائعات كثيرة وحملة لتبرير قرار البيع، كما يحدث حالياً حين أعلنت الحكومة عن عرض مقر السفارة الموريتانية في واشنطن للبيع.

وقال وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي، إن قرار بيع مقر السفارة الموريتانية في واشنطن تم بناءً على تقارير من السفارة تفيد بحاجته للترميم، وتقارير أخرى أعدتها بعثة مشتركة من وزارة المالية والإسكان أكدت أن بيعه وشراء آخر مكانه أفضل من ترميمه. 
واعتبر أنه من الأفضل للدولة الموريتانية بيع مقر سفارتها الحالي بدلا من ترميمه، وشراء مقر آخر في نفس المكان، مؤكداً أن كل الإجراءات تمت وفق طرق قانونية، وبشكل علني وواضح. 
وانتقدت الحكومة على لسان الناطق الرسمي باسمها محمد الأمين ولد الشيخ، التشكيك في نواياها تجاه عملية بيع العقارات العامة.

وقال الوزير إن "السلطة التقديرية بخصوص هذا الإجراء تمتلكها الجهة المسؤولة عن القطاع ولا يمتلكها من هم خارجون عنه"، مشيرا إلى أن الجهة المسؤولة عن القطاع هي التي تقرر ما يجب فعله انطلاقا من معرفتها بخلفيات الأمور وتسييرها للقطاع، وأن أي تقييم لهذا النوع من الإجراءات يعتبر تشويشا على عمل الحكومة. 
في المقابل، يعتبر خبراء أن بيع مبنى السفارة الموريتانية في واشنطن الذي يتضمن أيضا مقر إقامة السفير، خسارة كبيرة لا تبررها تكلفة ترميم المبنى، فالأخير يقع في مكان استراتيجي قرب مقر السفارات والمؤسسات الرسمية، وهذا الموقع الاستراتيجي لا يقبل التقدير بالقيم المادية، ولا بحسابات الربح والخسارة، وتعداد كلفة الترميم، والمقارنة بينها وبين البيع.

وتظاهرت الجالية الموريتانية بأميركا ضد قرار بيع مقر السفارة، معتبرة أن المقر الحالي رمز لوجودها وأن مبررات بيعه لا تستقيم، فهو يعكس أهمية الدولة، ويضمن حضور علمها في أماكن استراتيجية. 
وأكدت الجالية عزمها التبرع بتكلفة ترميم المبنى بدل بيعه وشراء آخر في منطقة نائية، ودعت جميع الموريتانيين إلى رفض قرارات بيع مقار السفارات والتي لا تقدر بثمن، ولا ينبغي التفريط فيها.

 

وقالت الجالية في رسالة وجهتها للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إن موقع السفارة يعد من أكثر مواقع إقامات السفارات والسفراء استراتيجية وملاءمة في واشنطن، لوجوده في قلب المجمع الدبلوماسي في العاصمة الأميركية، ما يجعل ترميمه والتمسك به أكثر جدوى من بيعه. 
وأضافت الجالية أن المقر يقع على بعد كيلومتر ونصف من البيت الأبيض، وكذلك مقر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأن المقر قريب أيضا من كثير من الإدارات الحكومية وهيئات التمويل والمنظمات الدولية.

وبالإضافة إلى ذلك، تكتسب بناية إقامة السفير الموريتاني قيمة معنوية كبيرة في العاصمة واشنطن، حيث تقع قبالة بيت الرئيس الأميركي الشهير وودرو ويلسون (ديسمبر/كانون الأول 1856 -فبراير/شباط 1924)، الذي تحول بيته إلى متحف تزوره أعداد هائلة من الأميركيين والأجانب، وهو الشيء الذي يساهم بالتعريف بموريتانيا من خلال رؤية الزوار علم البلاد يرفرف فوق البناية. 
وأدان منتدى المعارضة وتكتل القوى الديمقراطية ما وصفوه في بيان مشترك بـ "تحويل مدخرات وموارد الشعب إلى دكان لا يتنزه صاحبه عن بيع أي شيء".

وقال البيان الذي صدر مطلع الأسبوع الجاري "هذا يكشف ما وصل إليه النظام الحالي من تلاعب بكل نفيس وغال. والتورط في عمليات نهب واسعة وغير مسبوقة للممتلكات العامة". 
وتابع البيان أن النظام الحالي "لم يكتف بنهب الثروة الهائلة التي حصلت عليها البلاد خلال السنوات الماضية من الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، بل عمد الى الاستحواذ على عقارات الدولة وبيعها في ظروف غامضة للمحيط العائلي لرأس النظام أو لمتنفذين من محيطه".

وأضافت قوى المعارضة، أن المقر الذي يقع في أحد أرقى وأغلى أحياء العاصمة الأميركية، سيتم بيعه بثمن زهيد وفي ظروف غير شفافة دون أن يكون للأمر أي مبرر. 
وبدأت الحكومة الموريتانية منذ فترة عرض السفارات الموريتانية في دمشق والقاهرة وباريس للبيع، ولا يزال المسؤولون الموريتانيون يؤكدون أن مباني السفارات في الخارج ملك للدولة ولديها كامل الحق في تقرير ما تراه مناسبا، معتبرين أن هناك استراتيجية شاملة لتحديث كل السفارات الموريتانية في الخارج، حيث قررت الحكومة بناء ثلاث سفارات العام المقبل في كل من السعودية والإمارات وأديس بابا، على أن تتواصل عملية التحديث في الأعوام المقبلة.