«الخريطة الأممية» إلى ليبيا لا تستثني سيف الإسلام من العملية السياسية | 28 نوفمبر

«الخريطة الأممية» إلى ليبيا لا تستثني سيف الإسلام من العملية السياسية

أحد, 24/09/2017 - 00:25

أثارت تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بشأن إمكانية دمج سيف الإسلام القذافي (نجل الرئيس الراحل) في العملية السياسية، استنكار بعض القوى السياسية في البلاد، في وقت أقرت فيه اللجنة الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي «خطة العمل الجديدة» التي طرحها، سلامة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، فيما دخلت إيطاليا على خط «توحيد الجيش» الليبي، بدعوة العميد عبد الرحمن الطويل، رئيس الأركان، التابع للمجلس الرئاسي، إلى زيارتها، قُبيل زيارة قائد الجيش، المشير ركن خليفة حفتر إلى روما، المقررة بعد غدٍ (الثلاثاء).

وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، قال إن «مؤيدي نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي يمكنهم المشاركة بالعملية السياسية»، مضيفاً في حوار لفضائية «فرانس 24» «أريد ألا يكون الاتفاق السياسي ملكاً خاصاً لهذا أو ذاك. فهو يمكن أن يشمل سيف الإسلام، ويمكن أن يشمل مؤيدي النظام السابق الذين استقبِلهم علناً بمكتبي»، لافتاً إلى أن الانتخابات الليبية يجب أن تكون مفتوحة للجميع.

واستقبلت كثير من الأوساط الليبية تصريحات سلامة، بشيء من الصدمة، مما دفع عضو مجلس الدولة، النائب، أبو القاسم قزيط إلى القول: «على المبعوث الأممي تدارك الموقف، وتصحيح ما يقول قبل أن يفقد مصداقيته». وتابع قزيط لـ«الشرق الأوسط»: «أنصار النظام السابق مرحَّب بهم، فهم أهلنا، وهذا حقهم، ولا أحد يزايد عليهم»، مستدركاً: «لكن سيف القذافي مطلوب للجنائية الدولية، وللمحاكم الليبية أيضاً، وبالتالي فإن قول سلامة بأنه مرحب به في العملية السياسية، يحتاج إلى تصحيح».

غير أن عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي، عصام الجهاني، رأى أن المرحلة الثانية في «الخريطة التي طرحها المبعوث الأممي» ودعا فيها إلى عقد «مؤتمر وطني» تحت رعاية الأمم المتحدة لدمج الفاعلين «المنبوذين أو المهمشين» على الساحة الليبية، وإقامة حوار مع الجماعات المسلحة بهدف إدماج أفرادها في العملية السياسية والحياة المدنية «زادت من خلط الأمور في ليبيا»، ما سيفتح الباب لـ«سيف وغيره».

وأضاف الجهاني: «فكرة اللجوء إلى (مؤتمر وطني) هذه خطأ، لأنها ستزيد من الأجسام (الكيانات الفرعية) على الساحة الليبية، وبالتالي لن نصل إلى حل، وستطول الفترة الانتقالية، مما يعقد الأمور في البلاد».

وسبق أن ألغى مجلس النواب الليبي، في الثاني من فبراير (شباط) 2015 قانونا مثيراً للجدل عزل بموجبه من العمل السياسي والإداري في البلد كل من كان له علاقة بنظام الراحل معمر القذافي. وكان هذا القانون من أكثر القوانين إثارة للجدل في ليبيا خلال المرحلة الانتقالية، إذ صدر في 5 يونيو (حزيران) 2013 عن المؤتمر الوطني العام، (المنتهية ولايته) بعد جدل كبير حوله بين مختلف الأطراف في البلاد.

إلى ذلك، أقرت اللجنة الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، «خطة العمل الجديدة من أجل ليبيا»، محذرة من خطر الإرهاب في البلاد، والاستمرار في تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا.

وترحب اللجنة الرباعية في بيان تضمن ثماني نقاط، نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها بموقع «فيسبوك»، فجر أمس، بالتسلسل السياسي الذي حدده سلامة، الذي تضمن أولاً مجموعة محدودة من التعديلات على الاتفاق السياسي الليبي، يعقبها مؤتمر وطني، ليتم لاحقاً اعتماد الإطار الدستوري والانتخابي اللازم لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في غضون عام من الاجتماع رفيع المستوى.

وأبدت اللجنة الرباعية ترحيبها، أيضاً، بعزم المبعوث الأممي إلى ليبيا، عقد اجتماع يضم لجنتي مجلس النواب ومجلس الدولة، في تونس، 26 سبتمبر (أيلول) 2017، للعمل على تعديل الاتفاق السياسي الليبي، متعهدةً بمواصلة العمل من أجل تعزيز التعاون بين المنظمات الأربع، «وضمان اتّباع نهج مشترك وتكاملي بغية التصدي للتحديات التي تواجهها ليبيا».

في هذا السياق أيضاً، وجهت الحكومة الإيطالية دعوة رسمية إلى رئيس الأركان، العميد عبد الرحمن الطويل، التابع للمجلس الرئاسي، لحكومة الوفاق، لزيارة العاصمة الإيطالية. ونقلت «الوسط» الليبية عن مصدر، لم تسمه، أن «الحكومة الإيطالية تريد التأكيد على صدقية تحركها في ليبيا، الذي قوامه الاعتراف بحكومة الوفاق في طرابلس، ولكن الانفتاح على الأطراف الفاعلة الأخرى في البلاد».

وسبق أن وجهت الحكومة الإيطالية دعوة إلى القائد العام للجيش، المشير خليفة حفتر، لزيارتها الثلاثاء المقبل، للاجتماع مع وزيرة الدفاع، روبرتا بينوتي، ووزير الداخلية، ماركو بينيتي، ورئيس جهاز المخابرات الإيطالية وقادة الجيش. وأرجع مصدر عسكري ليبي لـ«الشرق الأوسط» سبب دعوة «رئيس أركان الوفاق» إلى زيارة إيطاليا، في توقيت قريب من زيارة حفتر، إلى أن «الجانب الإيطالي يسعي للتقريب بين فلول المؤسسة العسكرية في البلاد، ويجمع شتاتها».

وأضاف المصدر في تصريح مقتضب أن «إيطاليا ستغير من سياساتها، التي كانت تدعم في السابق، المجلس الرئاسي، وستنفتح على الشرق، تأكيداً للموقف الدولي الداعم للمبعوث الأممي». وبزيارة حفتر إلى روما، بعد غد (الثلاثاء)، تكون إيطاليا طوت صفحة من الخلافات المؤقتة مع قائد الجيش الليبي، الذي سبق أن لوَّح في الثالث من أغسطس (آب) بالتصدي لأي سفن إيطالية تقترب من المياه الإقليمية الليبية دون تصريح، اعتراضا على موافقة البرلمان الإيطالي على إرسال قطع بحرية إلى ليبيا، في إطار المحاولات للحد من عبور المهاجرين البحر المتوسط باتجاه أوروبا.

ومنذ الإطاحة بنظام القذافي في عام 2011، غرقت ليبيا في نزاعات بين مجموعات مسلحة وسلطات سياسية متنافسة في شرق وغرب البلاد.

من جانبها، تعهدت أمس الولايات المتحدة بأنها «لن تدعم الأفراد الذين يسعون إلى الالتفاف على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة»، مؤكدة في المقابل أنها «لا تزال ملتزمة بالعمل مع ليبيا والأمم المتحدة وشركائها الدوليين للمساعدة في تحقيق المصالحة السياسية وهزيمة الإرهاب وتعزيز مستقبل أكثر استقراراً للشعب الليبي».

وأشادت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أصدرته أمس ووزعته السفارة الأميركية فئ طرابلس، بالجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي، غسان سلامة، ودعت جميع الليبيين إلى دعم جهود الوساطة التي يبذلها والاشتراك فيها. وفي تطور لافت للانتباه، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن وفدين من مدينة الزنتان والعاصمة طرابلس سيوقعان اتفاقاً رسمياً في ليبيا لم تحدد موعده، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق بينهما على جدول زمني دقيق للعودة السلمية للنازحين داخلياً إلى طرابلس في إطار جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز المصالحة الوطنية بين الليبيين. وقال بيان للبعثة إنها نظمت مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اجتماعاً على مدى اليومين الماضيين بين وفدين من الزنتان وطرابلس، لمناقشة تيسير العودة الآمنة والسلمية للنازحين داخلياً، إلى منازلهم في العاصمة.