الشرق الأوسط والحلم الغربي الأكبر
الأربعاء, 25 يونيو 2014 12:12

shahrazad-bin-jido-new

شهرزاد بن جدو: انسحب الجيش الأمريكي من العراق عام 2011 بعد أن تسبب في مقتل مليون عراقي و تشريد أربعة آلاف آخرين.  لكن المأساة لم تتوقف عند هذا الحد.   

  ذلك أن أمريكا لم تنسحب إلا بعد أن تأكدت من أن وباء الطائفية الخبيث الذي نقلته إلى العراقيين بدأ ينتشر في الجسد العراقي بأكمله. فالطائفية داء عضال كانت الإدارة الأمريكية على يقين أنه سيفعل ما عجزت الجيوش عن فعله وهو حصد المزيد من القتلى و تفتيت العراق وتمزيقه.

مخطئ من يعتقد أن أمريكا لا تخطط لتقسيم العراق إلى دويلات.

فهذا المشروع سبق و إن اقترحه السيناتور الأمريكي جون بايدن عام 2006. كما أن مهندس السياسة الأمريكية هنري كسنجر قدم منذ 1973 مشروعا تجدد الحديث عنه عام 1983 يتضمن تقسيم جميع دول المنطقة العربية على أسس طائفية.

 دون أن ننسى الدراسات التي نشرها مركز ستراتفور سنة 2002 و التي تقول إن الإستراتيجية الأمريكية البعيدة المدى التي تعقب غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق هي تقسيم البلد إلى ثلاثة مناطق منفصلة. مخطط التقسيم خصصت له أيضا مجلة التايمز الأمريكية المقربة من البيت الأبيض في عددها الذي سيصدر في 30 من حزيران يونيو الجاري 8 صفحات تتضمن تقريرا عن خطة لتقسيم العراق إلى ثلاث دول.

كما نشرت المجلة خرائط توضح مناطق توزيع السنة و الشيعة و الأكراد.

قد يتهمنا البعض بعد قراءة هذه السطور بأننا من المؤمنين بنظرية المؤامر و بأننا نحمل الغرب مسؤولية كل الخراب و الدمار الذي يعيشه العالم العربي عموما و العراق على وجه التحديد. هذا غير صحيح. فجزء من مشاكل العرب هي نتيجة حتمية  لعديد العوامل الداخلية.

فلا شك أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يتحمل مسؤولية كبرى في ما يحدث اليوم في العراق فهو بصدد جني ثمار المحاصصة الطائفية التي زرعها في كل مفاصل الدولة منذ توليه منصبه عام 2006. هذه المحاصصة كانت أيضا سببا رئيسا في هروب الجيش العراقي من عدة مدن كالموصل و الأنبار. هروب لم يفعله العرب الذين حكموا بغداد منذ أبو جعفر المنصور حتى صدام حسين.  وحده الجيش العراقي في عهد المالكي فعل ذلك.

مشهد فرار الجيش و تهاويه أمام مسلحي داعش و إن أثار سخرية البعض فإنه بلا شك قد أغضب كثيرا الولايات المتحدة الأمريكية التي أنفقت 25 مليار دولار على هذا الجيش الذي نزع ضباطه و جنوده بدلاتهم العسكرية و نزعوا معها قيم الشجاعة و الإقدام ولاذوا بالفرار.

كل يوم ينضاف رقم جديد إلى عدد الموتى و الثكالى و اليتامى و المشردين . ومع كل يوم يمضي تسفك دماء جديدة في العراق و سوريا و لبنان.. . و مع كل فجر جديد يتخاصم الأجوار  و الأصدقاء الذين كانوا يتقاسمون رغيف الخبز على مائدة واحدة في الماضي القريب قبل أن تأتي الطائفية لتفرقهم.

  أيام الصراع الذي كان دائرا بين أنكلترا و ارلاندا قال كارل ماركس إن ”وزن الأموات يلقي بكل ثقله على أدمغة الأحياء” و المؤسف أننا اليوم لم يعد باستطاعتنا ترديد الشيء نفسه في عالم عربي لم يتوقف منذ أعوام عن تشييع موتاه.

موتى من الشيوخ و الأطفال و النساء الذين لا ذنب اقترفوه سوى أنهم ولدوا  وعاشوا في منطقة اسمها الشرق الأوسط. منطقة تتكالب القوى الدولية حولها طمعا في نفطها و غازها و مائها.

ولأن القوى الكبرى تعي جيدا أن السيطرة على الشرق الأوسط هي خطوة لا بد منها لأي دولة ترغب في السيطرة على العالم , و لأن هذه المنطقة أضحت منذ اكتمال الثورة الصناعية ساحة جيواقتصادية لا مناص من التخلي عنها للتزود بالمواد الأولية  كتب على هذه المنطقة و أهلها أن يعيشوا صراعات دائمة . صراعات يؤججها الفرس و الروس والأتراك والأوروبيون.

والمحزن أن القتلى كلهم عرب. جولات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التي يؤديها إلى منطقة الشرق الأوسط بحثا عن حل سياسي لأزماته علمتنا التجارب أنها لن تجد نفعا. واجتماعات الأصدقاء  في العواصم الأوروبية و في الفنادق الفاخرة مع معارضة الخارج بان بالكاشف عجزها عن نزع فتيل التوتر. وحدها شعوب المنطقة قادرة على ذلك من خلال التصالح مع ذاتها و تاريخها.

لا تخلو شواهد التاريخ القديم  والمعاصر من مساوئ التجزئة و التقسيم فملوك الطوائف مثلا قسموا الدولة إلى 22 دويلة منها غرناطة و قرطبة و طليطلة.. فأضاعوا الأندلس من أيادي المسلمين بسبب تفرقهم و تشتتهم  والتناحر فيما بينهم. فلنعتبر نحن العرب حتى لا نبكي ملكا لم نحافظ عليه مثل ابي عبد الله… صحافية جزائرية

فيديو 28 نوفمبر

البحث