الصحافة التي نريد...
الاثنين, 02 فبراير 2015 01:03

altنحن بحاجة إلى صحافة جريئة ومشاغبة تستفزنا كل صباح ومساء، وتعبث بكل خطوط العرض والطول لدينا خاصة منها تلك الحمراء.

لكن العبث بتلك الخطوط لا يعني البتة أن نقوم بتجاوزها، فحتى وإن كانت الصحافة بطبيعتها تمقت كل الخطوط الملونة خاصة منها تلك الغامقة، إلا أنها تخسر كثيرا عندما تصاب بعمى الألوان.

وأما الصحافة الناعمة والمنبطحة والمنسلخة من جلدها ومن هويتها والتي كثر روادها هذه الأيام، فهي مجرد نسخة رخيصة وهابطة، فكما أن هناك نسخ بائسة من السينما والفن والموسيقى والشعر والأدب والمسرح وغيرها، من الطبيعي جدا أن تكون هناك نسخة مشابهة من الصحافة، فلولا الغث لما عرف السمين ولما تسنى للناس أن يميزوا بين الخبيث والطيب.

لكن الجرأة والاستفزاز التي يجب أن تكون ضالة كل صحفي يؤمن بمهنة المتاعب، لا تعني بالضرورة الوقاحة وقلة الأدب، فالمسافة بين المنزلتين كبيرة جدا والبون شاسع للغاية.

فالوقاحة تدعو أتباعها إلى تجاوز كل الخطوط الحمراء، وتوهمهم بأن الحرية لا حدود لها، مع أن المنطق يقول إن الأشياء إنما تعرف بحدودها، وأنه لو لم يكن للحرية أسوارها الخاصة بها، لما كان لها طعمها ولا لونها ولا رائحتها.

وأما الجرأة والاستفزاز التي يجب أن يتحراها الصحفي في عمله اليومي، فتعني ببساطة أن يدوس على كل الخطوط الحمراء حتى تئن تحت قدميه دون أن يتجاوزها، فبذلك يحافظ على قواعد اللعبة ويمسك خيوطها بين يديه.

تلك هي الصحافة التي نريد، وأما غيرها فإما فصل من فصول الانحطاط والسقوط، أو ضرب من ضروب الشطط والإسفاف.

-----------

من صفحة الأستاذ البشير عبد الرزاق على الفيس بوك

فيديو 28 نوفمبر

البحث