البحث عن "الجنًّة"!!
الأحد, 09 نوفمبر 2014 22:39

altوهو على أعتاب الحياة كان يضع كل الأشياء في فمه ويطارد "الخنافس الأليفة" تحت الأريكة الخشبية ويدفن أرجله في الرمال وقت الظهيرة بحثا عن فيتامين "د" ويسابق الماعز نحو الإبريق المكتظ بأوراق الشاي الرطبة المليئة بالسكر ليمتصها كما تمتص السنوات البراءة في عيونه الشاردة في أزقة الحياة الفسيحة ساعتها

كان يتأمل الغروب ويسأل الجدّة أين سقطت الشمس؟

فتقول له لقد "سقطت في البحر" لكنه ذهب إلى الأفق لجلب "النبق" ولم يعثر على البحر!! 

سأل نفسه هل الجدةّ تخفي عني مكان الشمس كما أخفت عني مكان "الجنًّة" وقد قالت لي أنها في مكان بعيد ولأصلها علي أن أصلي وأتوقف عن السطو المسلح على المطبخ وأن لا أنافق وأن أكون أمينا وطيبا

قال في نفسه سأذهب إلى إمام المسجد صاحب اللحية والعمامة البيضاء ربما يعرف مكان "الجنًّة" خاصة أن زوجته تمتلك خنشة مليئة بالتمر ذهب إليهم كان الإمام يتكأ على قفاه في يده مسبحة تمر حباتها بسرعة تحت أصابعه في حركة لا تتناسب طرديا مع كلمات التسبيح الخافتة حلًّ وقت الغداء ودون خجل جلس على حافة الصحن كان الأرز ناصع البياض وتناوله يتطلب الكثير من الدبلوماسية لا يتقنها انسحب بهدوء وهو يردد طعام أهل "الجنَّة" لا يمكن أن يكون بهذه "لمسوخية" في تلك الآونة جاء والد صديقه من العاصمة محملا بالهدايا ورائحة العطر تفوح من فضفاضته الأنيقة وقد وزع على أطفال الحي الكثير من "الدكديك" قال في نفسه أكيد "الجنَّة" توجد في "نواكشوط"!!

خاصة أن صديقا لهم من أهلها كان يحدثهم بعد دحرجة الكرة كل مساء تحت ضوء القمر وهم يختبئون في زاوية الحائط الحادة في ليالي الشتاء الباردة عن سحر العاصمة وكيف أنها تسر الناظرين

تملكه الفضول وكان عليه أن ينتظر 12 سنة ليذهب "للجنَّة الموعودة" لكن بعد أن تمكن من معرفة مصير الشمس وقابل الكثير من العائدين من "الجنَّة" وقد بدا على قسماتهم التعب والإرهاق!

وقبل ذهابه بثلاث سنوات حدث انقلاب عسكري فاشل في "الجنَّة" وشاهد سكانها يتدافعون في الشوارع يمجدون قائدها المفدى بعدها بسنتين وهو بعد لم يزر "الجنّة" حدث انقلاب عسكري ناجح في "الجنَّة" ورأى سكانها يتدافعون في الشوارع وهم ينسلخون من الثناء على قائدها المطاح به ويمجدون القادة الجدد أدرك وقتها أن سكان "الجنَّة" ينقصهم الوضوح جاء هو إلى "الجنًّة" وكان أول شيىء شاهده منها مقاطعة "توجنين" وحماراً يتسكع قرب محطة بنزين!!

في اليوم الموالي كان عليه أن يتنزه في "الجنَّة" ليعيش بعد ذلك قرب "بيتيك كسكس" وهو من أشهر الأماكن في "الجنَّة" لقد إكتشف الكثير من الغرائب والعجائب في "الجنَّة" وأنها مليئة "بالناموس وقطاع الطريق والقمامة" وأنها مظلمة في الليل ومعظم سكانها من الفقراء "يواجع"

ليدرك أنه كان يبحث عن "جنًّة" الوطن الموعودة والغائبة وأنه جدَّته كانت على صواب لكنها كانت تقصد الجنَّة الأخرى!!

--------------------

من صفحة خالد ولد الفاظل على الفيس بوك

فيديو 28 نوفمبر

البحث