الموقف من الارهاب وكتلتي السعودية وايران
السبت, 09 مايو 2015 18:06

كمال مجيد

في مقالة سابقة حول النظريات الداعشية والتي نشرتها رأي اليوم الغراء في 22/4/2015 كتبت: ((لنتذكر أن الخلاف بين الشيعة والسنة لم يأت الى الوجود بعد احتلال داعش لموصل فى 10/6/2014 .بل انه حدث قبل 1400 سنة من هذا التاريخ،

 فمن الصعب جداً الاعتماد على ماحدث حينذاك لاقناع الشعوب للنهوض لمقاومةالاستعمار الامريكي الذي يحطمنا كل يوم. )) ثم كتب ابراهيم محمد الهنقاري مقالة مهمة في رأي اليوم ايضاً في 30/4/2015  ليشرح كيف نال المسلمون الويلات من الارهاب منذ البداية، اي قبل فاجعة كربلاء باكثرمن 40 سنة. فتحت عنوان ((حديث هادئ و صريح عن الارهاب والإرهابيين )) قال: ((فقد كانت عملية اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب هي اول جريمة سياسية كبرى تتم في الاسلام وكانت دوافعها سياسية بحتة … تلى ذلك اغتيال الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه في ثاني ثورة شعبية يعرفها المسلمون بعد حروب الردة.

كما تم اغتيال اخر الخلفاء الراشدين الامام علي … اما الدولة الأموية فيكاد يكون الارهاب هو الوسيلة التي  اختارها جميع خلفائها لحكم المسلمين لا يستثنى من ذلك سوى الخليفة عمر بن عبد العزيز.

ولم تكن الخلافة العباسية الاولى التي أطاحت بحكم بني أمية بعيدة عن اختيار الارهاب وسيلة لحكم المسلمين ويكفي ان نذكر ان اول خليفة عباسي كان لقبه السفّاح. واستمر الحال كذلك في باقي دول الخلافة الاسلامية المتتابعة حتى اخرها وهي خلافة ال عثمان التي كانت كلها مزيجا غريبا من الارهاب و الجهل و الفتوحات. ))

هذه الحقائق التي يقدمها السيد الهنقاري تؤكد على ان المسلمين كانوا ومازالوا يعتبرون الارهاب بل القتل والاغتيالات موهبة الهية تميزهم بجدارة عن باقي الاقوام والاديان. وللانصاف من الضروري الاشارة الى ان الاديانالسماوية الاخرى لا تقل شراسة في تصرفاتها. فالصهاينة في اسرائيل يقتلون المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين دون ان يحاسبهم احد. ثم ان جورج دبليو بوش وتوني بلير صرحا امام عدسة التلفزيون انهما هاجما على العراق لتنفيذ الارادة الالهية. ان التبشيريين الامريكان من امثال بوش لم يقتلوا المسلمين وحدهم بل قصفوا اليابان بقنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغازاكي. انهم قتلوا خمسة ملايين في فيتنام ولاوس وكمبوديا ومليونبن في افغانستان ومليون في العراق ومئات الالوف في البوسنة وكوسفو والصومال وليبيا وسوريا واليمن وكونغو وسيراليون ونيكاراغوا وباناما ولهم قواعد عسكرية في اكثر من مئة بلد في العالم للسيطرة على الشعوب وقهرهم عندالحاجة. استمرت العمليات الارهابية بعد سقوط الدولة العثمانية وتقسيم مستعمراتها . ففي العراق وحده جرت الحروب والثورات والانتفاضات والانقلابات الدموية والحروب البارزانية – الطالبانية منذ الحرب العامية الاولى. وللاطلاع على تفاصيل اكثر من سبعين حالة دموية كبيرة في العراق وحده راجع: (العنف، لكمال مجيد ، منشورات دار الحكمة، لندن 2001م.) اشتد العنف في الأونة الاخيرة لأن  الامريكان قرروا، بعد سقوط الدولة السوفياتية، فرض ارهابهم على المنطقة مستخدمين التوحش الاستعماري المألوف.

نفذت امريكا ارهابها طبقاً لنظرية ((النظام العالمي الجديد )) لجيمس بيكر لكي تمنع الدول الاستعمارية الاخرى من منافستها. فاحدثت حرب الكويت بالرغم من صدام حسين بل باجباره على احتلال الكويت لكي تكون لها حجة لاحتلال الخليج النفطي.. ( راجع النفط والاكراد ، لكمال مجيد ، دار الحكمة، لندن 1997 للتفاصيل.) ثم جاء احتلال الصومال وافغانستان والعراق وليبيا وتفتيت سوريا وتقسيم اثيوبيا والسودان وحتى يوغسلافيا. تم كل ذلك بالمساندة الكلية، المالية والعسكرية والاعلامية، للدول العربية وخاصة السعودية ومصر ( ايام مبارك) وقطر والاردن والمغرب وغيرها.

من الضروري هنا الاشارة الى ان تفتيت يوغسلافيا بدأ بفصل البوسنة عنها، استخدمت امريكا في العملية الارهابيين من منظمة القاعدة لابن لادن وبقيادة  المسلم عزت بيغفيج الامريكي الجنسية. وفي حالة غزو العراق، اثناء حرب الكويت، اشتركت الطائرات السعودية لضرب المنشأت الاقتصادية الحيوية ولقتل الشعب بالجملة، بينما هاجمت الجيوش الامريكية البلد من الاراضي السعودية. وبعد تجويع الشعب العراقي لـ 13 سنة مات خلالها اكثر من نصف مليون طفل تم احتلال العراق سنة 2003 بمشاركة كافة دول الخليج. ومازالت القيادة الامريكية الغازية مسيطرة على قطر، حيث اتخذتها مقراً لها واتخذت البحرين مقراً لاسطولها الحربي.

يتفق معظم الخبراء ، بمن في ذلك الخبراء الغربيين، على ان اكثرية الدول والاحزاب والجيوش العربية لعبت دوراً واضحاً في مشاركة الاستعمار الامريكي في ارهابه لاحداث هذه الفوضى الخلاقة في المنطقة.

وبخصوص العراق لقد امتازت الاحزاب الشيعية  بمشاركة الامريكان في احتلاله. لقد اتفق ابراهيم الجعفري، ممثل حزب الدعوة الاسلامية ( الشيعية ) ، مع الخارجية الامريكية والبنتاغون، حين سافر الى واشنطن قبل الاحتلال، على ان تكون الاكثرية للشيعة في الحكومة التي تلي البعث. مع هذا الاتفاق تم نشر الطائفية في العراق بشكلها المتطرف. فبدأت عملية الانتقام من ظلم البعث الذي طرد المتهمين بالتبعية الى ايران والذين عادوا لاخذ ثأرهم بقوة السلاح وبقطع رزق عوائل الضباط والموظفين في الدولة.

والاهم من ذلك الح حزب الدعوة والمجلس الاعلى لباقر الحكيم على هدم الحكومة القائمة ثم تسليم انقاضها للشيعة، فتشكل مجلس الحكم باكثرية شيعية، ليشمل حتى سكرتير ما يسمى بالحزب الشيوعي المدعو حميد موسى لكونه شيعياً. تلت تأسيس مجلس الحكم حربان على الفلوجة وحرب ضد كل من القائم و تلعفر والحديثة والمحمودية والاسكندرية بحجة معارضة المثلث السني للاحتلال.

ثم حاربت الجيوش الامريكية الى جانب حكومات العلاوي والجعفري والمالكي لمحاربة الشيعة من اتباع السيد مقتدى الصدر في النجف ومدينة الثورة والبصرة في حين انضم الصحوة السنية في الانبار، بقيادة ابو ريشة، لمحاربة القاعدة ودولتها الاسلامية في العراق. هكذا انتشر الارهاب الاسلامي – الامريكي في العراق ومنه انتقل الى سوريا وثم الى انحاء اخرى في الشرق الاوسط وافريقيا.

وبعد مقتل مليون عراقي وتحول ثلاثة ملايين الى لاجئين داخل العراق وحده لم تنجح كافة المرجعيات السنية والشيعية لجلب السلام الى المنطقة وذلك بالرغم من التدخل المباشر لهذه المرجعيات في شؤون الدولة في بغداد او في الموصل. بل على العكس ان السيستاني (الشيعي) وابوبكرالبغدادي (الداعشي) وعزت الدوري ( النقشبندي) هم الذين يقودون الارهاب في العراق وفي المنطقة فنجحوا في اعادتها الى القرن السابع الميلادي وما حدث حينذاك من الحروب الطائفية .

اقل ما يقال عن هؤلاء المراجع هو انهم جهلاء يحملون نفس الافكار العتيقة التي انتشرت في قديم الزمان. ففي مقالتي حول النظريات الداعشية شرحت بأن هذه النظريات ليست خاصة بداعش دون غيرها. ان المرجعيات الدينية الاخرى كالوهابية والنقشبندية وهيئة علماء المسلمين، السنية، وكذلك المرجعيات الشيعية في النجف وقم كلها تتفق بصورة كلية مع نظريات داعش . فالكل يؤمنون بأن الارض مسطحة، مثلاً، او ان هناك سبع سماوات يمكن طوي كل واحدة منها.

لكن العلوم اثبتت كروية الارض وعدم وجود السماء اصلاً، بل هناك فضاء شاسع تحوي كل النجوم والكواكب والتوابع والاقمار دون وجود حتى سماء واحدة بينها. هذه الحقائق  مثبوتة علمياً وان المرجعيات لا تدركها لجهلها للعلوم الحديثة بل للواقع المتمدن.

ان هذه المرجعيات لا تستطيع توجيه الشعب نحو حياة افضل لانها مازالت تؤمن بالخرافات: كقابلية النبي يونس، مثلاً، في السباحة في بطن الحوت او امكانية نوم اهل الكهف مع كلبهم لثلاثة الاف سنة دون طعام او وجود حيوانات مجنحة تستطيع اختراق الفضاء الخالى من الاوكسجين لكي تصل الى السماء السابعة، التي لا وجود لها كما ورد اعلاه.

ثم ان المرجعية ما زالت مشغولة بفرض الحجاب على المرأة وتحقيرها عن طريق تسهيل زواجها اما بالمتعة اوبالمسيار، كل حسب اختصاصه. حقاً جاءت الضرورة لمنع هؤلاء الجهلة من خلط الدين بالدولة بعد ان فشلوا في هذه المهمة فشلاً ذريعاً.

مع تطور شدة الارهاب الامريكي – الاسلامي وشموله لكل المنطقة تكونت كتلتان: الاولى بقيادة السعودية والمساندة الكلية لامريكا والثانية بقيادة ايران والمساعدة الفنية لروسيا والصين. فالمعروف ان السعودية واتباعها، كقطر والمغرب والاردن والكويت ودول الخليج، الحت، عن طريق جامعة الدول العربية، على قيام الطائرات الاستعمارية بقصف ليبيا وقتل رئيسها القذافي وتحطيم بنيتها التحتية والغاء حكومتها والقضاء على الحياة الآمنة، نسبياً، فيها بفرض الحرب الاهلية عليها. والان اصبحت ليبيا مصدراً مهماً للداعشيين الذين ينتشرون في افريقيا وبصورة خاصة في سوريا العربية.

وبخصوص سوريا تعلن السعودية لا على ضرورة اسقاط الحكومة فيها بل انها تعلن عن مساندة ومساعدة عدة جماعات ارهابية، بما في ذلك الجيش السوري الحر وجبهة النصرة المعروفة بارتباطها بالقاعدة. لا تنكر السعودية تعاونها التام مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبقية دول حلف الاطلسي لازاحة الرئيس بشار الاسد عن الحكم بالقوة. ولهذا هناك ((اكثر من عشرة ألاف مقاتل من المملكة العربية السعودية ودول خليجية اخرى  يقاتلون في سوريا.)) كما كتب عبد الباري عطوان في ((رأي اليوم)) في 11/2/2014 . والآن اعلن القيادي الكردي السوري احمد بركل في 4/5/2015 بأن الاكراد في سوريا انهوا علاقتهم مع الحكومة السورية وهم الان يحاربون هذه الحكومة والدولة الاسلامية معاً بالتعاون مع الجيش السوري الحر والجبهة الشامية بعد ان ((نالوا المساعدات من الدول الغربية والخليجية…)) (من رأي اليوم ايضاً. ))

اما في اليمن فحدث ولا حرج: شكلت السعودية التحالف العربي  للقيام بما اسمته بعاصفة الحزم بغية اعادة الشعب اليمني الفقير الى العصور الحجرية. وهذا امر ممكن لكون الشعب اليمني افقر شعب في الشرق الاوسط كله. والشئ المخيف جاء  من منظمة “هيومن رايتس ووتش” عندما اكدت ((على وجود صور ووقائع فيديو وغيرها من الادلة التي تؤكد استخدام ذخائر عنقودية، محرمة دولياً، في الغارات التي شنتها قوات التحالف خلال الاسابيع الاخيرة على محافظة صعدة معقل الحوثيين في شمال اليمن على الحدود مع السعودية.)) (راجع رأي اليوم في 3/5/2015 .) اضافة الى كل هذا اعلنت الحكومة الامريكية عن قيام طائراتها بتجهيز الطائرات السعودية بالوقود في الجو اثناء حملاتها لقصف المنشأت اليمنية والقوات الحوثية او التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح. كما اعلنت الحكومة الامريكية عن بيع المزيد من الاسلحة الفتاكة بسرعة الى السعودية للتاكد من استمرار قواتها في الحرب دون انقطاع.

   بطلب من ملك البحرين دخلت القوات السعودية الى الجزيرة للهجوم على المتظاهرين العزل بجحة انهم ينتمون الى المذهب الشيعي ويعملون لصالح الدولة الايرانية. وفي العراق دخلت الحكومة السعودية مرحلة التلاسن مع امريكا لأن الاخيرة خدعتها واشركتها في حرب الاحتلال لازاحة البعث عن الحكم وتسليم البلاد الى الطائفة الشيعية.

تتدخل السعودية في شؤون العراق الآن عن طريق قيام الاثرياء السعوديين والقطريين بتجهيز المعارضة السنية فيه بالمال والسلاح. فقبل احتلال الموصل في 10/6/2014  كتب مراسل جريدة الغارديان اللندنية في 14/3/2013 من الانبار تقريراً مفصلاً حول اجتماعين عقدا في الاردن مع اثرياء دول الخليج لتجهيز المعارضة السنية الموحدة بالمال والسلاح. نقل المراسل تصريح ابو صالح بالنص (( بأنه مع قادة السنة الاخرين قد حصلوا على المساندة الوثيقة من الشخصيات الثرية في دول الخليج.)) واضاف المراسل: (( اخبرني قائد آخر بالقول هناك خطة جديدة خطة اجمالية تختلف عما حدث سابقاً حين كنا نعمل منفصلين. هذه المرة اننا منظمين ولنا تنسيق مع بلدان مثل قطر والسعودية والاردن. اننا ننظم وندرب ونسلح انفسنا ولكننا سنبدأ بصورة سلمية حتى تصل اللحظة المناسبة. سوف لا نرتكب نفس الاخطاء. هذه المرة ستنهار الحكومة في بغداد.)) وهذا اعلان صريح للحرب الاهلية التيحدثت فعلاً وتوسعت وشملت المنطقة، بما في ذلك ايران ودول الخليج بل امريكا التي تدخلت  عسكرياً بحجة تنفيذ بنود الاتفاقية الاستراتيجية.

تقود ايران الكتلة الثانية. فقبل نشوب الحرب الاهلية في سوريا وقّـّعت ايران في 16/6/2006 اتفاقية التعاون العسكري معها ضد ((الخطر المشترك الذي توجهه اسرائيل والولايات المتحدة لهما.)) وحسب نصوص هذه الاتفاقية المعلنة رسمياً ، كأية اتفاقية اخرى بين الدول، تستطيع ايران ارسال جيوشها النظامية، مع طائراتها ودباباتها واسطولها، للدفاع عن سوريا. يقول عبد الباري عطوان ، في راي اليوم في 4/2/2014 ان ايران ((لعبت دوراً بارزاً في عدم سقوط النظام السوري مالياً وعسكرياً، سواءً من خلال الحرس الثوري وكتائب العباس، او الدفع بحزب الله اللبناني الى القاء بكل ثقله وخبراته في حرب العصابات الى جانب الرئيس الاسد وقواته.)) حدث ذلك بعد أن بعث الاستعمار الامريكي بقواته الخاصة لاشعال الحرب الاهلية في سوريا (كما صرح جوليان اسانج، محرر ويكيليكس، امام الرئيس غنوشي على قناة روسيا اليوم) وبعد الحاح هيلري كلينتون ((بضرورة ازاحة الرئيس بشار الاسد عن الحكم بالقوة )) وبعد وصول ((اكثر من عشرة الاف مقاتل من المملكة العربية السعودية ودول خليجية اخرى.)) بل بعد وصول الوف المجاهدين من الشيشان واوروبا وامريكا. لقد دخل هؤلاء سوريا بصورة سرية عن طريق تركيا والاردن ولبنان والعراق، دون وجود اية اتفاقية او نص قانوني يعطي الحق لهم لتمزيق سوريا وقتل شعبها. فمن واجب ايران ان تلتزم باتفاقيتها العسكرية مع سوريا والا تفقد هذه الاتفاقية قيمتها وتنتهي سوريا كمستعمرة لاسرائيل وحلف الاطلسي.

جأء احتلال الموصل وتكريت بل المنطقة الغربية من العراق من قبل القوات الداعشية – النقشبندية – البعثية بسرعة البرق، وهذا برهن على أن الجيش العراقي (( نمر من الورق. )) فاسرع السيستاني، الذي رفض الجنسية العراقية، ان يحشر نفسه في الشؤون العسكرية العراقية وامر بتاسيس الحشد الشعبي لمراقبة ومرافقة بقايا الجيش العراقي الجديد لاجباره على القتال. وكذلك لاستخدام العنف الاسلامي للانتقام من المحتلين الجدد وللثأر من الوحوش الداعشية الذين قتلوا اكثر من الف شيعي في قاعدة سبايكر. ومع تمركز داعش في المناطق المحتلة وفشل حكومة بغداد من زعزعتها اضطرت المؤسسة الشيعية الحاكمة الى تبديل نوري المالكي وتعيين وزيره في الحكومة واحد قادة حزب الدعوة الشيعي حيدر العبادي كالرئيس الجديد بدله. ولكن هذا التبديل ما اثرت على جبهات الارهاب بين المسلمين. فاستنجدت الحكومة الجديدة بالقوات الجوية الايرانية التي قدمت عدداً من طائراتها لضرب العدو الوهابي. ولمعاضدة الحشد الشعبي تدخل ((المتطوعون؟)) الايرانيون بقيادة الجنرال قاسم سليماني الذي نجح من فك الحصارعن قرية آمرني التركمانية ومسح مدينة تكريت، ذات الاكثرية البعثية، من الخريطة.

لكن العراق مرتبط باتفاقية ستراتيجية بامريكا ببنود تجعله تبعية امريكية بصورة رسمية. فتدخل ايران في الشؤون العراقية تؤثر بصورة جدية على هذه التبعية. فاضطرت امريكا ان تسرع للدفاع عن مصالحها الستراتيجية المهددة. فالسياسة الامريكية الحالية مختصة في نشر (( الفوضى الخلاقة )) في المنطقة. ولتنفيذ هذه السياسة قررت التركيز على تقوية حكومة اربيل لمسعود البارزاني من جهة ولضرب القوات الداعشية بصورة نازكة مع تقديم المساعدات العسكرية لها بصورة شبه علنية. هكذا تأكد البنتاغون من استمرار القتال في كل المنطقة لمدة طويلة قد تستمر لعشرين سنة حسب تخمين بعض الحبراء الغربيين. بل اكثر من كل هذا تشير التقارير الصحفية الى خطة امريكية لحشر السعودية وايران في حرب مباشرة طاحنة وطويلة لقهرهما، لا لكي تهيمن على الثروة النفطية فحسب بل ايضاً لكي تمضي امريكا مع قواتها الجبارة نحو روسيا الاتحادية. فالحرب في الشرق الاوسط قد تصبح نواة ً لحرب شاملة ضد الحلف الروسي – الصيني الذي ينافس امريكا بالاعتماد لا على ايران وحدها بل على كتلة بريكس التي تشمل 43% من سكان العالم.

السؤال الوارد هو اين تقف الشعوب المنكوبة بالاستعمار والاحتلال والحروب؟ فشيوخ وامراء وملوك العرب واقفون في جبهة الاستعمار منذ سقوط الدولة العثمانية.

انهم لا يستطيعون البقاء في الحكم دون تبعيتهم لامريكا التي تحتل المنطقة وتبيع لهم السلاح لقهر شعوبهم. لقد ادركت حكومات مصر والاردن والمغرب هذه الحقيقة فقبلت بعصى اليانكي وبعض من الجزرة واعترفت باسرائيل. ويؤكد المسؤولون الاسرائيليون بأن لهم علاقات ودية مع عدد أخر من ملوك المنطقة . فوزير خارجية قطر، مثلاً، ظهر على شاشة التلفزيون برفقة بعض الاسرائيليين، بينما صافح الامير سعود الفيصل، حين كان وزيراً للخارجية السعودية، مسؤولا ً اسرائيليا ً وعلى شاشة التلفزيون ايضاً. من الجهة الاخرى خاطب شيمون بيريز، من منزله في القدس، منادياً رؤساء العرب بالتعاون مع اسرائيل ونال خطابه استحسانهم. وحين تكلم مسعود البارزاني عن حقه في استفتاء رعيته حول الانفصال عن العراق ايده رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بقوة وعلى شاشة التلفزيون ايضاً.

من الجهة الاخرى قامت ايران، على عكس مصر والاردن والمغرب، بطرد الدبلوماسيين الاسرائيليين من سفارتهم في طهران وسلمت بناية السفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية. انها تقدم التعويضات السخية لعوائل الشهداء الفلسطينيين في حربهم ضد العدو الاسرائيلي المحتل لفلسطين. انها ساعدت منظمة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني بالمال والسلاح في حربهما ضد العدوان الاسرائيلي على غزة ولبنان. والأهم من كل هذا لايران معاهدات دفاعية واقتصادية مع روسيا وبقية دول البريكس لمنع تحقيق ((الحلم الامريكي )) للسيطرة على الكرة الارضية. فأين تقف انت؟

لقد أن الأوان لشعبنا المسكين ان ينبذ الانحياز الطائفي والعنصري ويتوحد لانقاذ نفسه من شرور الاستعمار والصهيونية ولنعد الى الاذهان هتافنا: ((على صخرة الاتحاد الكردي العربي يتحطم الاستعمار واذنابه!)) انشدناه في الوثبة الوطنية العراقية لسنة 1948. ولنتذكر بدر شاكر السياب حين صرخ: ((لا صبر للشعب بعد اليوم فاستبقوا      نحو التحرر من مستعمر ضاري!))

 

بروفيسور وكاتب عراقي

فيديو 28 نوفمبر

البحث