لن يتكلم الشيخ الخليل ..
الأربعاء, 05 أغسطس 2015 01:02

altآراء الكتاب - محمد المختار احمدناه

إن الأستاذ الشيخ الخليل النحوي من قلة قليلة يعرفون بعمق معنى التاريخ ومسؤولية التاريخ وأمانة التاريخ ، والأهم يعرفون الفرق بين التاريخ وبين الذكريات الشخصية . والاستاذ الشيخ الخليل يعرف ببداهة أن التاريخ فعل مستمر يحدث في الماضي

 لكنه مستمر بالحضور في اللحظة وفي تفاعلاتها وحتى في المستقبل ، والذين يدركون أن اللحظة ما هي إلا امتداد للماضي واستشراف للمستقبل ، لايلعبون مع التاريخ ولايصدرون أحكامهم ببساطة ، يتكلمون ربما عن حضورهم الشخصي عن دورهم في بعض المحطات التي شارفت على الأفول ، لكنهم لايتكلمون أبدا في التاريخ الذي هو واقع حي صنعوه بالأمس .

يمكن أن يتكلم الخليل عن ظروف تعليمه عن طفولته عن علاقته بأمه وإخوته .. عن علاقته بقصائده وكيف ولدت القصائد لكنه لن يتكلم عن رؤية كلية تحكم هذا المسار وتعطي الضوء لميلاد القصيدة وتعطي الضوء لتحمل السجن ولإستمراء سوط الجلاد .. من يعرف الشيخ الخليل يعرف أنه لايزور "السيرك" ، ولم يشتغل يوما بهلوانا ولايحب التقاط الصور مع المعجبين خلف شارات النصر الفارغة .. من يعرف الشيخ الخليل يعرف أنه كتب تاريخه بأصابعه العشرة بل شارك بأظافره في كتابة تاريخه ، ولن يرضى أن يكون هذا التاريخ جزءا من عرض متواصل في زمن التجارة بالتاريخ .

إن أي قناة تنشد جمهورا غير جمهور الرقص الأفقي تبحث عن اسم من الزمن الجميل وتسجل معه ، وتحول على هذا الاساس التاريخ والمراحل الدامعة من أعمار الشعوب إلى صفحات للتسلية يعوض بها الاعلام المجرد المعزول من أي رسالة وقيمة فراغ ساعاته الطويلة ، وهنا تحول التاريخ لمستهدف من طرف قناصة الاعلام وقناصة الصحافة .. إنهم يسطون على الذاكرة بعد ان ميعوا الواقع ، ويقودون لخلط كبير في الأحداث فلم نعد نميز بين الفاعل في التاريخ والفاعل في الجغرافيا ، ولايستطيع تبريرهم البسيط"كشف الحقب والأحداث للأجيال الحالية" إقناعنا بما يقومون به من فتح باب الماضي على مصراعيه أمام الجميع حتى من لادور لهم فيه. الماضي والتاريخ دائما تصل اخبارهم ولم تغب أي حقبة من الزمن ولم نحتج لكل هذا الاستهلاك والاستنفار ..سيكتب التاريخ لكن حين يريد فاعلوه الكتابة لاحين يقرر صحفي أو تريد قناة ، إننا هنا ندفع ثمن التاريخ معوضا وكل شخص سيبني تاريخا وسيسعى للقبض والتعويض .

الأستاذ الشيخ الخليل يعي كل هذا وآخرون يعوه ويفهموه وإن ظهروا تحرجا أو مراعاة لخاطر أحد فلن يتكلموا ولن يشاركوا في انتهاك حرمة التاريخ.

اما بخصوص البرنامج القوي للاستاذ والصديق الشيخ سيدي عبد الله فهو محاولة جادة لتغيير هذا الروتين مع رجال التاريخ ورجال الحقب الماضية من أعمار الشعوب ، لكن فكرة البرنامج وعمقه لم تخترق بعد الكثير من الصامتين ولم تستطع بعد إقناعهم بالحديث.. نتمنى إستمرار التواصل معهم من طرف الاستاذ الشيخ لإنقاذ التاريخ .

فيديو 28 نوفمبر

البحث