فقه متخلف أم نفوس مريضة.. لماذا يدعون على اليهود والمسيحيين؟ | 28 نوفمبر

فقه متخلف أم نفوس مريضة.. لماذا يدعون على اليهود والمسيحيين؟

خميس, 25/01/2018 - 14:58

بالتذمر والألم يشعر أيوب الزاهي، وهو شاب مغربي مسيحي، حينما يسمع أدعية تتشفى بـ"اليهود والنصارى" بعد كل حادثة أو كارثة طبيعية تقع في بلدان غير مسلمة.

ويرى الزاهي "26 عاما" أن مثل هذه الخطابات الدينية تذكي مشاعر الكراهية وتغذي الحقد بما يهدد التعايش في المجتمعات ذات التنوع الديني والإثني.

"نصف عائلتي مسلم والآخر مسيحي، وبعضهم لا ديني، نعيش في تعايش وسلام تحت سقف واحد، فكيف يمكن الدعاء على غير المسلمين في مجتمع يضم الآلاف من المسيحيين واليهود؟".

طلب منا الزاهي أن نستخدم هذا الاسم المستعار خوفا من تبعات الإفضاح عن هويته.

يقول "يحز في النفس أن تمر بجانب مسجد يوم الجمعة وتسمع الإمام يدعو علي غير المسلمين بالهلاك والتشريد وكثير من الأدعية التي تنم عن حقد دفين أوعداوة لا تظهر إلى في ساعة مناجاة الله، وقد كان قبل ذلك يتحدث عن الرحمة والتعايش".

لا أصل شرعيا

أحمد البوكيلي، إمام وخطيب مغربي، وأستاذ باحث في الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الخامس بالرباط، يقر بعدم صواب الدعاء على غير المسلم لانعدام أصل ذلك في الشريعة الإسلامية، "بل يستحيل أن يكون هذا الدين يشكل القاعدة الروحية لثقافة كراهية للآخرين، وقد جاء رحمة للعالمين ولم يقصد المسلمين فقط".

ويوضح الإمام المغربي:

"من الناحية العقدية لا يوجد أي دليل شرعي يعطي الحجية للأئمة أو لأي عالم أو فقيه أن يسب الآخرين ويدعو عليهم لينفس عن أمراضه النفسية وعقده الدينية، فالأصل في تحديد الموقف الشرعي من الدعاء على غير المسلمين، هو قراءة الدين قراءة مقاصدية، ثم قراءة السنة النبوية قراءة إنسانية، وليست تجزيئية تاخذ ظواهر الأمور وتغفل المقصد والسياق".

"مقصد الرحمة الذي جاء به الإسلام يحث على عدم اتخاذ موقف من الآخر وأقر بها القرآن في غير ما موضع، فهي تؤصل الاستحالة والرفض المطلق لأي انسان أن يدعو على الآخرين، وأخلاق الإسلام لا تؤصل لمعاداة الغير بل دعوته للحق والهداية وليس تنفيره من الدين". يضيف البوكيلي.

عقد نفسية

ويمضي الباحث في الدراسات الإسلامية بالقول إلى أن "الدعاء على الآخرين هو ثمرة عقلية تكفيرية نابعة من بعض المدارس الدينية التي تقطر حقدا على الناس"، مشيرا إلى أن "مثل هذا الدعاء يعكس أزمة نفسية لدى المسلمين، ومن الغرائب أن تجد بعضهم يعيش في الغرب غير المسلم ويدعو بخراب هذه الدول وتشتيت شملها".

يروي:

"كنت أتجول في مساجد أوروبا ومراكزها الإسلامية في إطار الدروس الرمضانية، خلال تواجدي على المنبر دعوت المسلمين إلى الدعاء لإحلال السلام وحفظ الأوطان من الشرور (...)، لكن بعض الغلاة والمتطرفين لم يرقهم ذلك فهاجموني: كيف تدعو مع الكفار وليس عليهم؟

فقلت لهم: شرعا هل يمكن أن نفتح قلوب العالم ونحن نكرره هذا العالم، هل تعيشون في أوطان هي بمثابة وطنكم الثاني وتدعون عليها بالدمار؟ فلم أتلق أي جواب منهم، الأمر الذي يظهر قصر نظرتهم وفهمهم للدين ومقاصده".

عقلية متحجرة

"جمود العقلية الفقهية وتجزيئها للثراث الإسلامي والنص الديني يساهم بشكل كبير في استمرار هذه الممارسات التي لم يدع إليها الإسلام صراحة، وإنما جاءت في سياق مختلف تماما عن عالمنا اليوم"، يوضح أستاذ التربية الإسلامية بمدينة تمارة خالد أخراز.

ويلقي أخراز باللوم على "العقل الفقهي المتحجر" الذي يقسم العالم إلى قسمين وفق منطق إقصائي. يقول:

"عقلية تقسيم العالم إلى ثنائية دار إسلام ودار كفر تحتاج إلى مراجعة نظرا لتخلفها، فالعالم الآخر (غير المسلم) مجال للتعايش الانساني والتواصل وليس مجالا للكراهية، والمسلمون اليوم هو بحاجة اليوم إلى إعادة قراءة الدعاء باعتباره فلسفة تواصلية مع الآخر لإقناعه".

ويوضح:

"محاولة استنباط بعض الأمور في السنة النبوية وتحويلها إلى أصل شرعي، معناه أننا نقرأ السيرة بأحوالنا النفسية وعقدنا المرضية، وليس مقاصدها الواقعية، وهو خطاب قمة في التطرف والعنصرية وليس له علاقة بقيم الإسلام، فالانسانية اليوم تحتاج إلى التعايش وليس إلى مزيد من التطرف والغلو".

 

عبد العالي زينون