القضية الفلسطينة لم تعد مجالاً واعداً للإستثمار.. إنما تحليل ومباركة انجازات عاصفة الحزم وسوريا!
الخميس, 05 نوفمبر 2015 00:53

عبدالكريم المدي كانت بعض الأنظمة في الدول العربية في السابق تتحدّثُ – كأقلّ واجب – عن قضية العرب المركزية الأولى ( فلسطين) وتُسخّرالإعلام وتُلهي الكُتّاب ومزعجي السلطات من ذوي الميول العروبية والقومية بالحديث والكتابة عن حقّ الأمة المسلوب

ودمها المسفوك في القدس والخليل ورام الله وغزّة وخان يونس ونابلس وأم الفحم وجنين وغيرها.

 

أما اليوم، للأسف الشديد، وفي الوقت الذي يقتلُ فيه الصهاينة ويجرحون، بمعدّل يومي وبصورة هستيرية العشرات من أبناء الشعب العربي في فلسطين، ويمزّقون بالرصاص الحي بطون النساء الحوامل في شوارع ومدن الأراضي المحتلّة بحجة حملهن للسكاكين المزعومة، لم يتكلّم عن هذه الجرائم أحد ولم تخرج المظاهرات في العواصم والمدن الكبرى للتُنديد بها، وبقتل المواطن الفلسطيني بمجرد إن قميصه أو بنطاله فضفاضين، أو أنه همّ بوضع يده في جيبه لتدفئتها، أوتوجّه أعزلاً صوب حاجز عسكري كي يفاوض جنود الاحتلال من أجل السماح له بالعبور لمنزله أو لاسعاف مريض ما إلى المستشفى.

ولمن يسأل: لماذا  تبدو الحكومات العربية والإسلامية اليوم غير مهتمة بتوظيف القضية الفلسطينية سياسياً، أوحتّى المزايدة بها؟، الجواب بكل بساطة: لأنهم  أصلاً متفرّغون لمباركة وتحليل انجازات (عاصفة الحزم) التي تضرب في اليمن منذُ ما يزيد عن (220) يوماً، ومنشغلون – أيضا – بتمويل وتفويج القتلة والمرتزقة لليمن ومناطق المواجهات المصيرية في اليمن وسوريا والعراق، أما فلسطين المحتلة وحقيقة ما يجري فيها هي وغيرها، فهذا لايعنيهم.

تعالوا لنتحدث بشيء من الشفافية ونقول: إيران، مثلاً، التي ما أنفكت يوماً تُزايد على الأمة بالقضية الفلسطينية لم نسمع لها مؤخراً صوتاً، لأنها تعيش حالياً لّذّة ليالي شهر العسل مع الغرب بعد توقيع الاتفاق النووي مع (عموووووو) أوباما، وبالتالي يبدو أنها لا تجد وقتاً كافياً حتّى لتشغيل نغمة المزايدة القديمة باسم القدس والمقدسات، اضافة لانشغالها بشكل أو بآخر بالحرب على اليمن، كمستثمر وليس كصديق محايد وواسيط خيروداعم للفقراء والمشردين والجوعى لوجه الله، وليس لطلبة الله على طريقتهم، وكذلك الحال نفسه في تركيا المنشغلة بانتخابات حزب العدالة والتنمية وملاحقة الوسائل الإعلامية، ولها ومشاغل وحسابات أخرى، يعلمها الله وأردوكان.

المهم الإخوة الإيرانيون ومعهم الإخوة السعوديون المنشغلون جدا بأطفال سوريا الذين يقتلون ويشردون ويجوعون ويغرقون في البحر هربا من قتل مندوبيهم، معذورون لأن معهم ما يكفيهم من الملفات والمهام العظيمة، كما أنهم على ما يبدو لم يعلموا بالأعداد الفلكية للقتلى واللاجئين السوريين والعراقيين، وفي تقديرنا إنها  لم تمرّ بعد على المرشد الأعلى وخادم الحرمين مثل هذه الرسالة التي يقول فيها غريق سوري قبل أن يدفنه البحر هو ورفاقه بين أمواجه العاتية :(شكراً لك أيها البحر الذي استقبلتنا بدون فيزا ولا جواز سفر، شكراً للأسماك التي ستتقاسم لحمنا ولن تسألنا عن ديننا ولا عن إنتمائنا السياسي) . وبعيداً عن الكلام الإنشائي، إليكم المفيد: إيران.. تُحبّ اليمنيين وقلبها معلق بهم ،بدليل إنها تُزايد على قضاياهم وتبيعهم كلاماً ووهماً، ولا يهمها إن ماتوا إما بطائرات سلمان، أو برياح وفيضانات (تشابالا).

والسعودية – أيضا – من جانبها  تُحبّ اليمنيين كثيراً، بدليل إن طائراتها وبوارجها الحربية ومنذُ ثمانية أشهر ليلها بنهارها مسخّرة لقتلهم وإذكاء الصراع فيما بينهم، ولم نسمع في المقابل أنها أرسلت لهم طائرة مساعدات واحدة إلى سقطرى، او سفينة اغاثة واحدة إلى المكلاء والمهرة، أوسخّرت دولارا واحدا لانقاذ المنكوبين منهم بجنون وبطش (تشابالا) الذي يُشبه كثيراً جنون وبطش الإف (16) والتيفون وغيرها. نخلصُ للقول وبإختصارشديد : سياساتكم يا أحبتي في الخليجين (العربي) و(الفارسي) قتلتنا، شردتنا، أذلّتنا، أهانتنا، أغرقتنا في بحور الله شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وجعلتنا لا نفكّر إلا في الكيفية التي نعدّي بها اللحظة الآنية، دون أن نموت أو نسمع خبر قتل أوخطف جماعي، أوتفجير مسجد أو سوق. وسياساتكم العبثية – أيضاً – جعلتنا نفكر فقط، داخل منطق أجواء وحالات الأزمات والكوارث والفواجع والنائبات التي بسببكم لا تعدم وسيلة في طرق واقتلاع أبوابنا وسحق آدميتنا.

لهذا نرجوكم جربوا أن تعيشوافترة كافية من الزمن، دون أن تنشغلوا بنا، جرّبوا أن تعيشوا بترفع، وتفكروا بإنسانية، وتتصرفوا بشرف، جربوا أن تحنّطوا شعارات الطائفية وأصنام الأساطير والمعجزات واحتكار الحقيقة وتودعوها مقبرة التاريخ. بصراحة لقد ملينا، هرمنا من منطقكم غير السليم، ونُريد العيش بوطنية وقومية وإنسانية جديدة بعيدة عن مناهجكم وتسلطكم وطائفيتكم وهيمنتكم وخرافاتكم التي توزعون من خلالها صكوك الوطنية والجنة والفئات الناجية والباغية وووووالخ. الناس يُريدون إثارة تساؤلات عصرية تخصّ المستقبل وتُقابلُ بقلوب وعقول مفتوحة، وليس بفتاوى وبنادق مفتوحة.

هل تعلمون إن عدم مواجهة الوقائع والحقائق بشفافية ومصداقية كارثة، وهل تعلمون إن تناقضاتكم كارثة، ووجودكم بهذه الطريقة كارثة؟ وفي الأخير هل تعلمون إنكم بحاجة ماسة لأن تكفّروا عن تاريخكم وأخطائكم؟!  لأنكم، بوعي منكم وبغير وعي، ساهمتم بقوة في جعل هذه المنطقة تائهة ومفرغة من كل شيء عدا من الطائفية والخرافات والجهل والصغائر.

كاتب يمني

فيديو 28 نوفمبر

البحث