«الإسلام المعتدل» شعار الأنظمة الحاكمة للبقاء في السلطة (مترجم) | 28 نوفمبر

«الإسلام المعتدل» شعار الأنظمة الحاكمة للبقاء في السلطة (مترجم)

ثلاثاء, 03/07/2017 - 00:59

تجمع رجال الدين المسلمين من جميع أنحاء العالم في المغرب في يناير 2016 لصياغة إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي والتسامح الديني. وكرد فعل على وحشية تنظيم داعش ضد الأقليات الدينية، ذكر الإعلان بمنهج النبي محمد في المدينة المنورة الذي ضمن حقوق غير المسلمين في المجتمع الإسلامي الأول.

في حين قدم الرعاة هذا الإعلان كصيغة رسمية للإسلام المعتدل لمواجهة التطرف، إلا أن يقوده أيضا أهداف سياسية محلية ودولية أخرى. مقابلات مع مسؤولين حكوميين وزعماء دينيين في الشرق الأوسط تسلط الضوء على السياسات الضبابية المحيطة بالاستخدام الاستراتيجي لتلك الأنظمة لمصطلح “الإسلام المعتدل “.

ليس هناك اتفاق حقيقي حول معنى الإسلام المعتدل. الحكومات ذات الأغلبية المسلمة ترغب أن يتم تصنيفها دوليا كأنظمة إسلامية معتدلة، وهذا يتطلب التوافق مع أجندة الولايات المتحدة. لذلك، يتغير تعريف الإسلام المعتدل وفقا لأهداف السياسة الأمريكية.

على سبيل المثال، استعداد التفاوض على معاهدات سلام مع إسرائيل أكسب النظام المصري دوليا تسمية معتدل في عام 1979، تليها الأردن في عام 1994، كذلك الجماعات الإسلامية التي تشارك في العملية الديمقراطية تستحق عادة تصنيفها كمعتدلة. ومنذ هجمات 11 سبتمبر 2001، خاصة منذ ظهور داعش، أرتبط مفهوم الاعتدال بشكل أكثر تحديدا مع نبذ العنف.

عدم الإجماع والالتباس في التعريف جعل “الإسلام المعتدل” شعار مفيد للأنظمة العربية لمتابعة جداول أعمالها في الداخل والخارج. عن طريق الاستغراق في فرضيات أن الإسلام المعتدل يقدم حلولا للعنف، يمكن للحكومات تجنب المسؤولية عن تداعيات سياساتها. عن طريق الاعتقاد في فكرة أن الدين هو المسؤول عن التطرف، تستطيع النخب السياسية تبرير زيادة حملات القمع ضد الجماعات الإسلامية، التي غالبا ما تمثل واحدة من المنافذ القليلة للمعارضة السياسية.

توفر دولة الإمارات مثالا على نوعية خطابة الاعتدال هذه. فبالإضافة إلى المشاركة في رعاية إعلان مراكش، أنشأت الإمارات منتدى لتعزيز السلام في المجتمعات المسلمة في عام 2014، وعينت وزيرا للتسامح في عام 2016. وفي الوقت نفسه، انتقدت الإمارات بشدة جماعة الإخوان المسلمين، مصنفة إياها منظمة إرهابية في عام 2014.

عندما يدعي نظام مثل دولة الإمارات تمثيل الإسلام المعتدل وتصوير أي تعبير بديل عن الإسلام باعتباره تطرف، فالولايات المتحدة من المرجح ستميل لتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان ضد “الإرهابيين” والاستمرار في تقديم شراكة عسكرية ومالية مع المعتدلين.

في حين أن العديد من بلدان في الشرق الأوسط قد استحوذت على الإسلام المعتدل، المغرب ربما لديها الاستراتيجية الأكثر تطورا. في عام 2015، أفتتح الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، مركز تدريب دولي لتثقيف الزعماء الدينيين من جميع أنحاء العالم حول الإسلام المغربي المعتدل. كما أطلق الملك أيضا مبادرة لتدريب قادة دينيين من الإناث وأنشأ رابطة علماء الدين المغربية.

تحاول المؤسسات الدينية والتعليمية المغربية التأكيد على أن الاعتدال الديني هو جزء من نمط الحياة المغربية، الذي نتج عن تراث المغرب من التسامح الديني ودورها كقناة جغرافية بين أوروبا وأفريقيا. وأظهرت بلدان أخرى موافقة على ذلك السرد، حيث مالي وساحل العاج وفرنسا وغيرها أرسلوا طلاب لدراسة الإسلام المغربي.

رغم ذلك، فشلت تلك الجهود الرامية في معالجة المصادر الأساسية لمكافحة التطرف العنيف سواء من التلاعب الديني أو الإحباط الاقتصادي والسياسي. وقد تم تحديد أكثر من 1000 مغربي يقاتلون من أجل تنظيم داعش.

سعي المغرب للترويج لنسخته عن الإسلام المعتدل في الخارج هو في جزء منه لتحويل الأنظار عن عدم وجود إصلاح سياسي في الداخل. ولأن الجمهور الدولي أكثر قلقا وانشغالا بالأمن من الديمقراطية، حملة العلاقات العامة المكرسة لتشجيع الإسلام المعتدل هي وسيلة فعالة لتعزيز القوة الناعمة للحكومة المغربية.

سعت الأردن على نحو مماثل لوضع نفسها كراعية الإسلام المعتدل والتسامح الديني. ورعت مبادرة “كلمة سواء” للتأكيد على التشابه بين المسيحية والإسلام وحشدت من أجل أسبوع الوئام العالمي بين الأديان. ومع ذلك، شهدت الأردن أيضا التطرف العنيف، مع تفجير كبير في عام 2005. كما يقدر أن حوالي 2500 أردني انضموا لداعش وهجوم ديسمبر 2016 على السياح يسلط الضوء على قابلية المملكة للإصابة بالتطرف.

وعند إجراء مقابلات مع أعضاء بارزين في المؤسسات الدينية والتعليمية في الأردن، أعرب كثيرون منهم عن الإحباط من تعزيز الحكومة للإسلام المعتدل. من وجهة نظرهم، الإسلام هو بالفعل دين الوسطية، وبذل جهودا لتشجيع الاعتدال لا لزوم لها. ويرى كثير منهم التركيز على شعار “الإسلام المعتدل” بأنه مجرد محاولة لاسترضاء حلفاء أقوياء مثل الولايات المتحدة.

ترويج نسخ إسلام معتدل مبهمة – من خلال الإعلانات الدولية، ومراكز التدريب الدينية أو مبادرات الحوار بين الأديان – لم يثبت علاجا فعالا للتطرف العنيف. مع بقاء نشر الإسلام المعتدل مشروع تقوده الدولة، فإنه من غير المحتمل أن ينظر إليه باعتباره ذات مصداقية من قبل المواطنين.

بالنسبة للعديد من الأنظمة في الشرق الأوسط، التركيز على الاعتدال يقدم فوائد حقيقية لبقاء النظام: فرصة لاستهداف المعارضة السياسية، وتعزيز المكانة الدولية وشراكة الولايات المتحدة وضمان الدعم الخارجي.

واشنطن بوست

المقال من المصدر إضغط هنا

Middle East regimes are using ‘moderate’ Islam to stay in power

البديل المغربية